

هل يُعقل أن يُسأل مدرب الوداد أمين بنهاشم بعد مباراة دولية من هذا الحجم عن إمكانية التعاقد مع لاعبين جدد قبل مباراة العين؟ أي عقل رياضي ـ بل أي عقل بسيط حتى يمكن أن يستسيغ هذا “السؤال” الساذج؟ وهل نحن أمام استيعاب سليم لزمن المنافسات وانتقالات اللاعبين أم أمام عقلية لا تميّز بين المعسكر الإعدادي والمقابلات الحبية، والمقابلات الدولية الرسمية؟
لكن الطامة الكبرى لم تقف عند هذا الحد، فالصحافي – أو منتحل الصفة إن شئنا الدقة استمر في حفريات تفاهته متسائلًا عن سبب ظهور جمهور الوداد بأعداد كبيرة خارج الملعب مقارنةً بما ظهر في المدرجات، سؤال يستبطن جهلًا مركّبًا بثقافة الجماهير، وظروف التنظيم، بل وبموقع المباراة ذاته.
متى كانت مسؤولية المدرب أن يحصي الجماهير أو يعلّق على حضورهم الجغرافي؟
إن من يخوض في هذه الترهات باسم الصحافة لا يسيء فقط إلى المنابر التي يُفترض أن تمثّله، بل يُلحق أذى بالغًا بصورة الإعلام المغربي ككل في محفل دولي يُفترض أن نُظهر فيه نُضج تجربتنا ومهنيتنا واحترامنا لأخلاقيات المهنة، ويحق لنا أن نتساءل بكل مرارة: كيف عبَر هذا “السائل” بوابة الاعتماد الصحفي؟ وأين هي الجهات المنظمة من مثل هذه الخروقات المهنية الفجّة؟
ثم من المعيب أن تمر مثل هذه المهزلة دون مساءلة، فالسكوت عن عبث كهذا هو مساهمة ضمنية في تكريسه، وليس مقبولًا أن نكتفي بالتذمر داخل المجموعات المغلقة، أو على هامش الجلسات المهنية، بينما يتكاثر المتطفلون على الميدان كما تتكاثر الأعشاب الضارة في أرض خصبة لم تُروَ بوعي ومسؤولية.
الإعلام ليس فوضى، الإعلام التزام، وميثاق، ومسؤولية، ومن لا يعرف من أين تبدأ حدود السؤال، لا يمكن أن يُمنح حق الحضور، ولا أن يتحدث باسم جمهور يعوّل على إعلامه في أن يرفعه لا أن يُسقطه.
ما وقع في ندوة الوداد واليوفي لا يُشرّف الإعلام المغربي، بل يُسائلنا جميعًا: عن مآل المهنية، وعن حدود التساهل، وعن شرعية من يتحدث باسمنا في محافل الخارج.
كفى عبثًا، كفى تشويهًا.
نريد إعلامًا يرفع الرأس لا يطأطئه.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=21735
عذراً التعليقات مغلقة