
بقلم: هشام الكدار – آسفي الآن
التصوير: هشام الكدار
في قلب الأطلس، وتحديدًا بقرية زاوية إفران، تبرز مبادرة نسائية فريدة تحمل اسم “دار الضيافة إفري إثبير”، تقودها امرأة قروية آمنت بقدرتها على صناعة التغيير من داخل بيئتها. إنها حسناء خيي، الرئيسة المؤسسة للتعاونية، التي استطاعت أن تنتقل بالخدمات السياحية في المنطقة من الفوضى إلى العمل المنظم، في تجربة تُعد نموذجًا حيًا للتنمية القروية المستدامة.
تنتمي حسناء خيي إلى سلالة مولاي علي الشريف، لكن انتماءها الأهم اليوم هو لهذا المشروع الجماعي الذي أطلقته سنة 2022، مؤمنة بأن التنظيم والانضباط هما المدخل الأساسي لتطوير المنطقة، وخلق فرص حقيقية للنساء والشباب.
في حديثها لـ “آسفي الآن”، تؤكد أن التعاونية لم تنطلق من وفرة في الموارد، بل من قناعة راسخة بأن المكان يحمل من المؤهلات الطبيعية والثقافية ما يكفي ليكون وجهة سياحية بامتياز. ومن هنا، انطلقت الخطوة الأولى نحو تثمين الموقع الطبيعي، والتنمية المجالية، وتحسين جودة الخدمات المحلية.
تحرص التعاونية، بقيادة هذه المرأة الجبلية، على تقديم خدمات متكاملة، تبدأ من الطبيعة الخالصة وتنتهي عند المائدة. وتوفر “دار الضيافة إفري إثبير” باقة متنوعة من الخدمات في مجال السياحة الجبلية والإرشاد السياحي، حيث تجمع بين الإقامة والتنشيط والتغذية الصحية، مثل:
الإيواء في فضاء جبلي بسيط ومريح
تنظيم أنشطة المشي واستكشاف الطبيعة
تقديم تغذية طبيعية معتمدة على منتوجات محلية
إعداد أطباق تقليدية مستوحاة من المطبخ الأطلسي
عرض منتوجات محلية للبيع مثل العسل الحر والأعشاب الجبلية
الاستمتاع بإطلالة بانورامية ساحرة على شلال الزاوية
وقد راعت التعاونية في خدماتها البعد البيئي واحترام الهوية المحلية، دون المساس بروح الضيافة الجبلية الأصيلة.
في خلفية هذا المشروع العائلي، تبرز شخصية نابلسي عبد السلام، المعروف بلقب “باعسو”، زوج السيدة حسناء، الذي يحرص على استقبال الزوار بكلمة طيبة وابتسامة دافئة، خاصة إن علم بأن الضيف ينحدر من مدينة آسفي، الأمر الذي يثير فضول الزائر…
ولفهم هذه العلاقة، نعود إلى تجربة “باعسو” المهنية بمدينة آسفي سنة 1992، والتي كانت كافية لتربط قلبه بالمدينة وأهلها. ومنذ ذلك الحين، لم تنفصل روحه عن آسفي، وكلما استقبل أحد أبنائها، بادلهم بكلمات اعتزاز وامتنان، اعترافًا بكرم وأخلاق سكان حاضرة المحيط.
وبالعودة إلى “دار الضيافة إفري إثبير”، يمكن القول إنها تجربة نسائية ملهمة لنساء المنطقة، حيث تُبرهن حسناء خيي على قدرة المرأة القروية على لعب أدوار ريادية في التنمية المحلية، وتحقيق أثر إيجابي داخل المجتمع، انطلاقًا من بيئتها وهويتها.
لقد أصبحت زاوية إفران، بفضل هذه المبادرة، أكثر تنظيمًا، وأقرب إلى أن تكون وجهة مُعترف بها في خارطة السياحة الجبلية المستدامة.
في كل تفاصيل هذا المشروع، حنين عميق إلى الروابط المغربية التي تتجاوز الجغرافيا. ومن هنا، تتوجه التعاونية بدعوة صادقة ومفتوحة إلى أهل حاضرة المحيط، مدينة آسفي، لزيارة زاوية إفران، واكتشاف جمال الطبيعة، وكرم الضيافة، وعمق الروح الأمازيغية الجبلية.
أهلاً بكل أبناء آسفي، ضيوفًا أعزاء في ديار الجبل، حيث الهواء نقي، والطعام طبيعي، والقلوب مفتوحة.
آآسفي الآن، من قلب زاوية إفران.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=22012
عذراً التعليقات مغلقة