مدن الاحتيال: من منابع أم الربيع إلى ساحة جامع الفنا.

مدن الاحتيال: من منابع أم الربيع إلى ساحة جامع الفنا.

-أسفي الأن
أخبار وطنية
-أسفي الأن29 يوليو 2025آخر تحديث : الثلاثاء 29 يوليو 2025 - 4:02 مساءً
unnamed -
بقلم : هشام الكدار *** في إحدى حلقات البرنامج الوثائقي العالمي “Scam City”، الذي عرض على القناة الدولية الشهيرة ناشيونال جيوغرافيك، تم تسليط الضوء على مدينة مراكش كإحدى المدن التي تمارس فيها أساليب الاحتيال، من طرف بعض الأشخاص الباحثين عن الربح السريع. لم تكن الحلقة صادمة وفقط، بل أنها فتحت نقاشا عموميا حول واقع السياحة.
ما لم يكن متوقعاً، هو أن هذا الواقع لم يمس فقط السائح الأجنبي، بل تعداه إلى السياحة الداخلية، حيث أصبح المواطن المغربي عرضة لنفس مظاهر الاستغلال، وفي بعض الأحيان، بشكل أكثر وقاحة.
منابع أم الربيع، التي طالما تغنّى بها المغاربة كرمز للنقاء والصفاء، واعتبروها من أهم الأماكن الجبلية السياحية، أصبحت اليوم عنواناً لحالة من الفوضى والاستغلال، فالزائر الذي يسعى للتمتع بمنابع أم الربيع، وبمناظرها الطبيعية، يجد نفسه في مواجهة أشخاص يحتلون المكان ويفرضون مبالغا مالية مزاجية دون وجه حق وفي غياب للمراقبة والمحاسبة.
كثير هم الزوار الذين غادروا منابع أم الربيع وفي قلبهم غصة وشماتة لما تعرضوا له، وشهاداتهم تحمل الحسرة على مكان يفترض أن يكون محمياً من الاستغلال و”العْشَشْ” ومفتوحاً للعموم: باش تجلس، خاصك تخلص… وباش تستمتع بمنظر المنابع خاصك كذلك تخلص”، كما يقول أحد الزوار بنبرة ساخطة. 
تحولت منابع أم الربيع إلى ساحة للمضاربة، والخدمات البسيطة إلى ما يشبه الابتزاز العلني. أسعار الأطعمة والمشروبات غالباً ما تكون مضاعفة دون مبرر، محطات وقوف السيارات تفرض مبالغا مالية ما أتى بها الله من سلطان، ازدحام شديد وحركية غير عادية.
أما ساحة جامع الفنا، القلب النابض لمراكش وروحها الثقافية، فقد أصابها ما يشبه “الموت السياحي الأخلاقي”. العشرات من التدوينات والمقاطع المصورة التي يتقاسمها المغاربة والأجانب على حد سواء، تكشف عن حجم التلاعب بأسعار المشتريات والخدمات، والتصرفات غير الأخلاقية لبعض من يشتغلون بالساحة.
هناك من يجبر على أداء مبالغ مالية مقابل صور أو خدمات بسيطة، وهناك من يتعرض للمضايقة من طرف وسطاء يفرضون أنفسهم بالقوة. أما الأسعار، فكثيراً ما تكون “مَضروبة فِالسْماء”.
لا نعمم، حتى لا يقال عنا التعميم لغة الجهلاء، ولكن لن نصمت، وشهادة الحق تقال، فبالرغم من هذا الواقع المؤلم، لا يمكن أن نعمم التهمة على الجميع. فالمغرب، والحمد لله، لا يزال يزخر بمناطق وأناس يجسدون كرم الضيافة في أرقى صورها. هناك قرى ومداشر، وفضاءات جبلية وصحراوية أو ساحلية، يفتح أهلها بيوتهم وقلوبهم أمام الزائر المغربي، دون استغلال للظرفية أو السياق، هؤلاء هم المواطنون الحقيقيون، الذين يصح فيهم القول ‘السياحة الوطنية” يدركون أن السياحة مسؤولية وأمانة قبل أن تكون فرصة للربح.
كل ما تناولناه سابقا يمكن إدراجه من باب ثقافة شيوع السلوك المدني من جهة، ومن جهة أخرى، ابتغاء الخير للوطن، وليس من باب التجني أو إثارة المشاكل ”مال باباك مزغب”.
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة