أين قيادات الأحزاب من استيعاب الإشارات الملكية في ظل صراعها المعلن عن منح التزكيات الانتخابية : آسفي نموذجا..

أين قيادات الأحزاب من استيعاب الإشارات الملكية في ظل صراعها المعلن عن منح التزكيات الانتخابية : آسفي نموذجا..

-أسفي الأن
سياسة
-أسفي الأن19 أغسطس 2021آخر تحديث : الخميس 19 أغسطس 2021 - 10:18 صباحًا

656 - عبد اللطيف أبوربيعة ** يبدو أن المسؤولين بالإدارات الترابية وبالأحزاب السياسية لا زالوا لم يلتقطوا بعد تلك الإشارات التي جاءت قبل أربع سنوات خلت في خطاب العرش لسنة 2017 ..أكيد أن هؤلاء لم يستوعبوا الدروس التي أعطاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس وهو يقدم تشريحا مفصلا للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي للمملكة المغربية ، وما يرزخ تحته واقع التدبير والتسيير اليومي للشأن العمومي من تناقضات واختلالات في غياب أي تعاطي جدي ومسؤول مع انتظارات المواطنات والمواطنين من تنمية حقيقية : سكن لائق ، صحة ، تعليم ، مسالك طرقية ، نظافة وغيرها..والابتعاد عن التلاعب في تدبير القطاعات التنموية والاجتماعية بمنطق المصالح السياسية والشخصية الضيقة.
ففي الوقت الذي يحظى فيه المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس بسمعة خاصة ومتميزة بالخارج من خلال الدبلوماسية الملكية الرصينة والنموذجية والتي يتضاعف بشأنها الدعم الدولي يوما بعد يوم ، لا زالت عقليات التدبير والتسيير الداخلي من مسؤولي الإدارة الترابية والمنتخبين لم تتغير ولازال يغلب عليها طابع المحسوبية والزبونية والمصلحة الخاصة والتي استفحلت في غياب أي ربط للمسؤولية بالمحاسبة أو ضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بمصالح المواطنات والمواطنين والضاربين عرض الحائط بالتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق العيش الكريم إلى كافة فئات الشعب المغربي سواء في المدن أو القرى أو المداشر..
وهي لعمري عقليات تحدث عنها جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2017 حين قال جلالته ” …ولو أن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة، إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع. فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة.
فعندما تكون النتائج إيجابية، يوضح جلالته ، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم.
والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل.
وأمام هذا الوضع، فمن حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين ، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات، لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل” انتهى كلام جلالة الملك.
حديثنا هذا عن الإشارات الملكية السامية، يجرنا إلى تسليط الضوء على الصورة المزرية التي يوجد عليها الواقع الذي نسميه تجاوزا ” السياسي” بمختلف المدن والقرى المغربية بدءا بما أفرزته نتائج الانتخابات المهنية والتي أصبح عنوانها النفوذ والتنسيق والاتفاق المسبق على وضع تصميم المقعد على مقاس ” فلان أو فلان” وعلى من يتوفر السيولة أكثر في غياب تام للشفافية والنزاهة وتكافئ الفرض بين جميع المرشحين دون إقصاء للكفاءات الشابة الذكورية والنسوية ، وهو ما سيستمر لا محالة خلال الانتخابات المزمع تنظيمها نهاية الأسبوع الأول من شهر شتنبر 2021 في ظل الإرهاصات الأولى التي برزت مع البدء في تسليم الأحزاب السياسية للوائح التي زكتها لخوض غمار الانتخابات والتي تغلب على تشكيلتها الوجوه القديمة والمألوفة وكأنها الوريثة الشرعية والوحيدة للتمثيلية السياسية ..
وكمثال نسوقه على ما ذهبنا إليه ما نراه و نسمع به اليوم بإقليم غني بمؤهلاته الطبيعية والبيئية والصناعية : إنه إقليم آسفي حاضرة المحيط ، و الذي لا ينعكس غناه وتنوعه كما يجب على الواقع التنموي والاجتماعي بالإقليم ، والسبب ربما ضعف وقصور وعدم كفاءة النخبة السياسية الممثلة للساكنة بمختلف المجالس .. وإلا كيف سيحصل ذلك في غياب كفاءات منتخبة شريفة تحسن الترافع على مصالح آسفي والآسفيين في ظل تزكية وجوه فاسدة لن تفي لا محالة بالغرض والتجربة أمام أعيننا ولسنين مضت ؟
ونحن على أبواب الاستحقاقات الانتخابية لشتنبر 2021 لا شيء يوحي بحصول التغيير المنشود ويبدو أن حليمة ستعود لعادتها القديمة وأن التنمية بآسفي مصيرها التأجيل إلى حين بعيداعن التوجيهات الملكية السامية والطموح الشعبي لساكنة حاضرة المحيط التي ضاقت درعا من رؤية وجوه تمثلها داخل المجالس المنتخبة لا تسمن ولا تغني ولا تتوفر أغلبها لا على كفاءة ولا على رؤيا تنموية ولا وازع اجتماعي ولا هم يحزنون إلا النزر القليل من منتخبين شرفاء ممن قد يشفع لهم قربهم من نبض منتخبيهم رغم محدودية المؤهلات الطبيعية والاقتصادية المادية بالمجال الترابي الذي يقع تحت نفوذهم التمثيلي ..
ما يكرس هذا الواقع السياسي المأساوي بآسفي هو ما قامت به أمانات وطنية وكتابات محلية لأحزاب حين أخطأت الموعد من جديد ووضعت يدها في يد فاسدين وسماسرة ومنحت تزكيتها لمتابعين قضائيا ودفعت مجموعة من مناضليها ومنهم قياديين إلى الاستقالة والارتماء في أحضان أحزاب أخرى احتجاجا ورفضا حسب مبرراتهم رغم أن الواقع غالبا ما يتبث أنه لا وجود في الأملس بين القنافذ لأن الاستقالة إما تكون بسبب رفض واقع لا يرضي أو طمعا في مقعد يرضي ..شيء آخر يزيد من تمييع الواقع السياسي المريض بآسفي حد الغثيان هو تواجد كائنات انتخابية فراشاتية هوايتها التنطع والقفز بين أغصان الأحزاب السياسية تغزوها وقد تدفع لنيل تزكيتها : وجوه لا برامج لديها ولا رؤية ولا لون ولا تربطها بالأحزاب الملتحقة بها مع حلول فترة الانتخابات إلا التزكية للحفاظ على مصالحها ومضاعفة أرباحها ..
ما تقدم عليه قيادات أحزاب سياسية بعينها إذن سواء من حيث منح التزكية للفاسدين أو المتابعين قضائيا والسماسرية و إقصاء المناضلين والكفاءات يبرز مما لا يدع مجالا للشك أن هذه القيادات بعيدة كل البعد عن الفهم الصحيح لمغزى الإشارات الملكية السامية والتي جاءت بأسلوب ولغة يفهمها جميع المغاربة ولا يتنكر لها إلا اللاهتون وراء مصالحهم الشخصية الضيقة سواء من المسؤولين الإداريين أو المنتخبين الفاسدين..وإلا ما معنى وهذا الصراع المحموم المعلن حول منح التزكيات الخاصة وتسخير سماسرة لإسقاط أسماء مناضلين وكفاءات شبابية ذكورية أو نسوية مقابل تزكية غرباء عن الأحزاب ممن اتخذوا من الانتخابات مهنة ومطية يسخرون لها المال والجاه لقضاء مصالحهم ومصالح أفراد أسرهم حتى أصبحت المنافسة على التزكية عنوانها “أفراد أسرتي ومن بعدهم الطوفان” حتى تغيرت المجالس من منتخبة إلى ” منتفميلة “..
وفي خضم هذا السباق المحموم والكولسة التي عرفتها التزكيات ، لا بد من التساؤل حول المستفيد من التسترمثلا على أسماء أشخاص ربما متابعين قضائيا في بعض اللوائح التي تقدمت بها الأحزاب السياسية..ألا يقتضي الأمر التريث والتحقيق قبل قبول هذه الترشيحات من طرف الإدارة؟ لنفترض جدلا أن من بين هؤلاء المتابعين قضائيا من حالفه الحظ وفاز برئاسة مجلس ما أو غرفة ما أو بمقعد ما في البرلمان وبعد سنة أو سنتين يصدر حكم يثبت إدانته ، ما العمل حينداك ؟ ألن يكون هناك هدر للزمان التنموي وللمال العام في تعويض هذا المدان بشخص آخر والذي قد تثبت ربما إدانته في المستقبل هو كذلك وهلم جرا..ألا يقتضي الأمر إجراء تعديلات على القوانين الانتخابية تراعي هذا الجانب حفاظا على السير العادي للمجالس المنتخبة وتجنبا لهدر الزمن التنموي والمال العام وخدمة لمصالح المواطنات والمواطنين التي لا يجب أن تتوقف بأي حال من الأحوال ..
ختاما ، لا يسع المتتبع للشأن الانتخابي بإقليم آسفي إلا أن يتساءل عن عدد الأشخاص المتابعين قضائيا ، إن هم وجدوا ، سواء من المنتخبين السابقين المرشحين أو الحاليين ممن أحالت السلطة المحلية ملفاتهم على القضاء الإداري أو على النيابة العامة المختصة، طبقا لتعليمات وزارة الداخلية و الذين قد يكونوا موضوع التقارير التي أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة لوزارة المالية ، وهي التقارير التي قد تكون سجلت على هؤلاء المشتبه بهم اختلالات في تدبير الصفقات العمومية وفي تسيير قطاع التعمير وعدم احترام الضوابط والمساطر القانونية المعمول بها أو أولئك المتابعين في قضايا أخرى أمام المحاكم ؟؟..

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة