منتزه المربوح بقلعة السراغنة.. مشروع بيئي يتحوّل إلى رمز للإهمال وسوء التدبير”

منتزه المربوح بقلعة السراغنة.. مشروع بيئي يتحوّل إلى رمز للإهمال وسوء التدبير”

-أسفي الأن
الرحامنة
-أسفي الأن1 مايو 2025آخر تحديث : الخميس 1 مايو 2025 - 5:07 مساءً
568ce28f 7473 49c4 8a9a 6cb33e143007 - رحال رحاني  ** في عمق مدينة قلعة السراغنة، حيث كان من المفترض أن يتنفس سكانها بعض الأمل من خلال فضاء أخضر يُضفي على الحياة طمأنينة وجمالاً، يتحول منتزه المربوح إلى شهادة ناطقة على فشل مدوٍّ في تدبير الشأن المحلي، وانهيار مؤلم لطموح كان يُفترض أن يصمد ويثمر،المشروع الذي وُلد في حضن خطابات التنمية، والذي استنزف اعتمادات مالية مهمة، لم ينجُ من المصير الذي بات يتهدد العديد من المبادرات ذات الطابع البيئي والاجتماعي، حيث تحوّل من متنفس واعد إلى حطام مفتوح على الأسى.
المنتزه، الذي صُمم ليكون قلباً نابضاً بالحياة، بات جسداً خاوياً، تحرسه أعين قطط ضالة وكلاب مشرّدة، تحلّ محل الأطفال والعائلات التي كانت تحلم بمكان آمن وجميل للهروب من صخب المدينة.
هناك، حيث كانت الأشجار تهمس للحياة، لم يتبقَّ سوى جذوع متيبسة، وبقايا نباتات تحكي بلغة الصمت عن خذلان بشري، المكان يبدو كمشهد مهجور في رواية حزينة، حيث الصمت أكثر بلاغة من أي خطاب، والفراغ أعمق من أي وعود أُطلقت ذات يوم بشغف أمام عدسات الكاميرا.
ما يحدث في منتزه المربوح ليس فقط تآكلاً لمساحة خضراء، بل هو انكشاف مُريع لنمط في التدبير يفتقر إلى البعد الاستراتيجي، إلى ثقافة الصيانة، وإلى استمرارية المتابعة والتقييم،وهو قبل كل شيء، إهدار لثقة مواطن لطالما صدّق أن المال العام وُجه لخدمته.
النموذج هنا لا يُدين فقط الإهمال، بل يسلط الضوء على عمق الخلل في عقلية تُنهي علاقتها بالمشروع بمجرد قصّ الشريط ورفع لافتة الافتتاح.
إنها قصة مشروع لم تُكتب له الحياة، لا بفعل الطبيعة، بل بفعل تغافل بشري يتكرر في مشاهد متشابهة عبر مدن البلاد، حيث يتحول الحلم إلى عبء، والمكان الذي كان يفترض أن يكون مساحة للتجديد النفسي، إلى جرح بصري وروحي يومي. وحده الإهمال يستوطن المكان الآن، يفرض منطقه بثبات مقلق، ويصرّ على أن يروي فصول الفشل في ظل صمت رسمي لا يقل قسوة عن الخراب نفسه.
أمام هذا المشهد، يبقى السؤال معلقاً: إلى متى سيظل العمران يُبنى بغير روح، والمشاريع تُطلق دون ضامن للاستمرار؟ وأين تنتهي مسؤولية من يقرر، ومن يوقّع، ومن يُشرف؟ وهل يُكتب لهذه المدينة ومدن أخرى على شاكلتها أن تكتفي دائماً بالفتات، في حين تُستنزف أموالها على مشاريع سرعان ما تنقلب إلى أطلال؟
الجواب! ربما، ليس في تقارير المكاتب أو وعود المجالس، بل في صرخة صامتة يطلقها المكان كل يوم، علّها تذكّر من بيدهم القرار أن الإهمال لا يخفيه الزمن، وأن المدن لا تنمو بالخطب، بل بما يُبنى ويُصان ويُحترم.
f5e17bbb 160a 4515 b84d b3dbd3dde190 -
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة