عيسى بن عمر، قائد عبدة (1879~1914)، و موروثه التاريخي (قصبة القائد السي عيسى بن عمر ) .

عيسى بن عمر، قائد عبدة (1879~1914)، و موروثه التاريخي (قصبة القائد السي عيسى بن عمر ) .

-أسفي الأن
اراء بلاقيود
-أسفي الأن14 أغسطس 2025آخر تحديث : الخميس 14 أغسطس 2025 - 7:05 مساءً
عيسى بن عمر، قائد عبدة (1879~1914)، و موروثه التاريخي (قصبة القائد السي عيسى بن عمر ) .
0e2e1b26 2fa9 4a12 b1be ad3cd06e7654 - بقلم : ذ ، محمد تامر **** القائد عيسى بن عمر… رجل المخزن القوي في عبدة
في أواخر القرن التاسع عشر، حين كانت القبائل المغربية تعيش بين إيقاع حياتها التقليدية وسلطة المخزن المركزي، برز اسم القائد عيسى بن عمر البحتري العبدي كأحد أبرز وجوه الحكم المحلي في منطقة عبدة.
ينحدر القائد من قبيلة البحاثرة، إحدى أكبر قبائل السهول الغربية للمغرب، نشأ في بيت له روابط وثيقة بالسلطة، وتربّى على قيم الانضباط والولاء للمخزن.
لم يكن صعوده إلى القيادة محض صدفة، بل جاء نتيجة توافق نادر بين السلطان مولاي الحسن الأول وأعيان البحاثرة. فقد رأى المخزن فيه الرجل القادر على فرض النظام وجمع الضرائب وضمان ولاء القبيلة، ورآه الأعيان الضامن لاستقرار مصالحهم أمام الدولة.
بظهير سلطاني رسمي، تقلّد عيسى بن عمر منصبه، ليصبح اليد القوية للمخزن في عبدة.
شخصية من حديد
كان القائد عيسى بن عمر معروفًا بالصرامة والانضباط الحاد، لا يتهاون في تطبيق القوانين المخزنية، ولا يتردد في فرض سلطته على الجميع.
في زمنه، كان القائد يتمتع بسلطات واسعة:
القضاء في النزاعات بين القبائل.
جمع الضرائب (الجبايات) لحساب المخزن.
فرض الأمن ومنع الفتن أو التمرد.
التعبئة العسكرية إذا طلب المخزن ذلك.
أصبحت سيرته مثار روايات متباينة:
في الرواية الرسمية، كان رجلاً مخلصًا للدولة، حافظ على الأمن والنظام.
في الذاكرة الشعبية، كان رمزًا للقوة التي تُهاب.
قصبة القائد… قلب السلطة في عبدة
شيّد القائد قصبته في قلب أراضي البحاثرة، وجعل منها مقر إقامته ومركز حكمه.
كانت القصبة أشبه بحصن عسكري وإدارة محلية في آن واحد:
أسوار عالية مبنية بالطين المدكوك والحجارة، تمنحها قوة دفاعية.
أبراج مراقبة في الزوايا، لمراقبة الأفق ورصد أي تحركات مشبوهة.
بوابة ضخمة من الخشب المصفح بالحديد، يمر منها الزوار بعد إذن الحراس.
ساحة داخلية واسعة تُعقد فيها الاجتماعات، وتُنفذ فيها الأوامر، وتستقبل الوفود من القبائل المجاورة.
غرف ومخازن مخصصة للعيش وتخزين المؤن، بالإضافة إلى إسطبلات لخيول القائد وفرسانه.
لم تكن القصبة مجرد مقر إداري، بل كانت رمز الهيبة والسيطرة، ومنصة يطل منها القائد على مجاله الترابي الممتد.
القصبة اليوم… إرث حي
مع مرور الزمن، تحولت قصبة القائد عيسى بن عمر إلى معلمة تاريخية، صُنفت ضمن التراث الوطني المغربي، لما تحمله من قيمة معمارية وتاريخية.
رغم ما لحقها من تآكل بسبب العوامل الطبيعية، ما زالت جدرانها وأسوارها تحكي قصص حقبة كانت فيها شخصية القائد حجر الزاوية بين الدولة والمجتمع القبلي.
زيارتها اليوم ليست فقط رحلة في الحجر، بل أيضًا رحلة في الذاكرة، حيث تلتقي الأسطورة بالتاريخ، وتستحضر صورة رجل عاش ومات وهو ممسك بزمام السلطة.
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة