كشمير بين مطرقة الهند وسندان باكستان.. من يحرك خيوط الدم في لعبة العمالقة؟

كشمير بين مطرقة الهند وسندان باكستان.. من يحرك خيوط الدم في لعبة العمالقة؟

-أسفي الأن
زوووووم
-أسفي الأن14 مايو 2025آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2025 - 4:37 مساءً
06a3dbd6 aebf 4e16 aa2c 8f0b8acda49a - مصطفى_الآبيض *** في خضم التصعيد المتكرر بين الهند وباكستان، تعود ذاكرة المراقبين إلى جذور الصراع الذي يتجاوز الحدود الجغرافية ليحفر عميقًا في التاريخ والسياسة والهوية، المناوشات الحربية الحالية ليست سوى فصل جديد من كتاب لم يُغلق منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حيث كانت الولادة السياسية لباكستان بمثابة انفصال مؤلم عن “الأم” الهند، تاركة خلفها جراحًا مفتوحة لم تندمل، تتجدد مع كل رصاصة تُطلق في سماء كشمير.

إقليم كشمير، تلك البقعة الجغرافية الخلابة والملتهبة في الآن ذاته، هو القلب النابض لهذا النزاع المزمن. الإقليم مقسّم فعليًا بين شطرين؛ أحدهما يخضع لسيطرة الهند والآخر لباكستان، مع خط وقف إطلاق النار الذي لا يوقف التوتر، بل يؤطره مؤقتًا في انتظار شرارة جديدة.
السكان في كلا الشطرين يدفعون الثمن، وهم بين مطرقة الاحتلال وسندان الطموحات الجيوسياسية،الهند تعتبر كشمير جزءًا لا يتجزأ من كيانها الوطني، بينما ترى باكستان فيه أرضًا ذات أغلبية مسلمة حُرمت من “الاختيار الحر” الذي وعدت به الاتفاقات الدولية في أعقاب التقسيم.

العمق الحقيقي لهذا الصراع لا يكمن فقط في الإقليم، بل في الرؤية المتباينة بين دولة تأسست على هوية دينية (باكستان)، وأخرى على مبدأ الدولة العلمانية متعددة الأديان (الهند)، كشمير إذا تتحول إلى مرآة تعكس صراع الهويات، تتغذى فيه القومية والتطرف والعداء التاريخي، بينما تتلاشى فرص الحل السياسي بفعل حسابات عسكرية واستراتيجية. كلا الطرفين يستثمر في هذه المناوشات لتحقيق مكاسب داخلية؛ فالحكومات تلجأ إلى التصعيد لتوحيد الصف الداخلي وصرف الأنظار عن أزمات اقتصادية واجتماعية.

لكن خلف الستار، تبرز أسئلة محورية عن المستفيد الحقيقي من استمرار هذا الصراع، فالهند، التي تجد في موسكو حليفًا استراتيجيًا، تسير في ظل دعم سياسي وتسليحي ضمن توازنات معقدة، بينما تتموضع باكستان على الضفة الأخرى بدعم أمريكي يتجاوز حدود العلاقات التقليدية، حيث تحوّلت أراضي كشمير إلى رقعة شطرنج في لعبة دولية أكبر منها،وما يبدو كصراع ثنائي بين دولتين متجاورتين، ما هو في العمق إلا واجهة لتجاذب نفوذ بين الكرملين والبيت الأبيض، تحت أعين مؤسسات سرية عابرة للحدود، تُحرك الخيوط من وراء الكواليس ضمن هندسة جيوسياسية تتقن صناعة الأزمات، وفي خضم كل ذلك، تصبح الأسلحة، والقرارات، وحتى الحروب، أدوات تنفيذ في يد قوى غير مرئية، تسعى لإدامة الفوضى بصيغ مقننة، وترك النزاع مشتعلًا بما يكفي ليضمن استمرار التحكم لا الحسم.

في لغة الحرب، لا صوت يعلو فوق صوت المدافع، لكن في كشمير، حتى صمت الجبال يبدو مكلومًا،”الابن” باكستان لا يهدأ له بال وهو يرى “الأم” الهند تحتفظ بما يعتبره حقًا تاريخيًا ودينيًا وأخلاقيًا، أما “الأم”، فتتشبث بما تراه وحدة ترابية لا تقبل القسمة أو الشك، في علاقة ملتبسة تفتقر للحنان السياسي وتعج بمشاعر الإقصاء والعناد.

هذه المناوشات ليست عابرة، لأنها جزء من معمار صراعي مركّب، لا يتوقف فقط عند جغرافيا الإقليم، بل يتعداه إلى وجدان شعبي وجروح استعمارية لم تُشفَ. وبين كل طلقة وأخرى، تظل كشمير تصرخ في صمت: متى يصبح السلام أقوى من السياسة؟

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة