
إن الكشف عن شبكة منظمة لبيع شهادات الماستر، تتجاوز أسوار الجامعة لتشمل أطرافاً متعددة من أساتذة جامعيين ومحامين وموظفين عموميين ووسطاء، يثير تساؤلات عميقة حول آليات الرقابة والحكامة داخل المؤسسات التعليمية، ويضع علامات استفهام كبرى حول مدى تفشي الفساد وتغلغله في مفاصل المؤسسات الحكومية
لقد بدأت خيوط هذه القضية تتكشف مع اعتقال موثق في عام 2021، ليقود الاعتراف الذي أدلى به، والمتعلق بشراء شهادة ماستر بمبلغ 250 ألف درهم، إلى فضح شبكة واسعة من الفساد والاحتيال، إن المبالغ المالية الضخمة التي تم حجزها، والتي بلغت حوالي 80 مليون درهم في حساب زوجة الأستاذ الجامعي المتورط كطرف رئيسي، لا تشير فقط إلى حجم الجرم المرتكب، بل تكشف عن مخطط ممنهج ومنظم لاستغلال المناصب والمواقع لتحقيق إثراء غير مشروع.
المثير للقلق في هذه الفضيحة هو تورط شخصيات ذات نفوذ وأكاديميين يفترض بهم أن يكونوا قدوة للطلاب والمجتمع، فالأستاذ المشتبه به، والذي يحمل صفة سياسية ويشغل منصب أستاذ بكلية الحقوق، يثير تساؤلات جدية حول حول مدى تغلغل هذه الشبكة في الهياكل الإدارية الحساسة، مما يفتح الباب أمام احتمال وجود تسهيلات وتواطؤات ساعدت على استمرار هذه الممارسات المشينة.
إن تداعيات هذه الفضيحة تتجاوز الإطار القانوني لتشمل الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية. فبيع الدبلومات المزورة ليس مجرد عملية احتيال مالي، بل هو تزييف ممنهج للمسار الأكاديمي والمهني للطلاب، والضرب بعمق في جسد التعليم العمومي بشكل عام والعالي بشكل خاص وتقويض لقيمة الشهادات الجامعية التي يفترض أن تكون نتاج جهد ومثابرة.
كما أن تكليف شبكات موازية بكتابة مذكرات وأطروحات كاملة، يزيد من هذا التزييف ويضرب عرض الحائط بمبدأ النزاهة الأكاديمية، وهذه الممارسات لا تمثل “جريمة في حق الوطن” فحسب، بل هي خيانة للثقة التي يوليها المجتمع للمؤسسات التعليمية، وتهديد مباشر لمستقبل الأجيال القادمة التي لن تجد معنى للاجتهاد والتفوق في ظل هذه الممارسات المدمرة.
المصدر : https://www.safinow.com/?p=21373
عذراً التعليقات مغلقة