رفقا بالتلاميذ..

رفقا بالتلاميذ..

اراء بلاقيود
9 أبريل 2019آخر تحديث : الثلاثاء 9 أبريل 2019 - 8:43 مساءً
رفقا بالتلاميذ..

news 1449877266 - كتب : عثمان الودنوني*** حسنا فعل رئيس الحكومة حين تفهم إنزلاق التلاميذ وفق تعبيره، خلال كلمة افتتاح المجلس الحكومي اليوم الجمعة؟ و حسنا صنع كذلك حين نوه بيقظة جمعيات الاباء و الاطر التربوية و الاساتذة!! لكن هل نقف عند هذه الردود ام نقف وقفة تأمل في واقع مؤسساتنا التعليمة، و نطلق خطة و مبادرة وطنية استعجالية لإنقاذ التعليم من السكتة القلبية؟
لأنه بواقع الأمر ما الذي يجعل كل هؤلاء التلاميذ يبصقون في وجه ساعة زمن، و يرددون شعارات رديئة نستنكرها جملة و تفصيلا ؟؟ و لمذا كل هذا الغليان امام قبة البرلمان بالنسبة لتلاميذ ليس لديهم خبرة او احتراف في الاحتجاج و التظاهر؟ و لماذا بلغ الغضب التلاميذي كل هذا الأوج و الموج ؟ هل ساعة الحكومة حقيقة هي من اوصلت التلاميذ و التلميذات الى هذا الحد من السب و الشتم المعلن؟ ام ان اياد خفية هي من ساقت التلاميذ الى هذا التمرد غير المسبوق؟ ثم لماذا كل هذا القلق من غضب تلاميذ مؤسساتنا التعليمية؟!! أليس من أنتج مناهجها و أطلق برامجها خبراء متخصصون في علم التربية و التعليم و التكوين من بني جلدتنا؟ أليست خرجات الاحتجاج الجديد مرتبط في علم نفس الشعوب او سيكولوجية الجماهير بسياقات اقتصادية و ثقافية و تكنولوجية جديدة وجب التفاعل و التعامل معها بآليات و معطيات جديدة؟؟ أليس واجبا علينا، بل اضحى مستعجلا ان تطلق المؤسسات التعليمية قيما جديدة وفق سياسات تعليمية و تربوية واقعية و استباقية و تنموية مبدعة ؟
لابد من علماء نفس، و لا بد من خبراء يحللون و يدرسون هذا المستجد في ساحة الاحتجاج، و ينتجون معرفة جديدة بوعاء فكر جديد، فقد عودتنا الكليات على صراع الفصائل و تضارب المرجعيات في اطار تنافس سياسي و تنظيمي احيانا، و احيانا اخرى في سياق تهافت مجاني غير موجه لكنه احتجاج، كما عودتنا إضرابات معامل النسيج و أفران الخبز و شاحنات اسواق الجملة و غيرها من القطاعات على شعارات مقبولة و ردود مؤسسة ، لكن ان يخرج التلاميذ من مدارسهم الى الشارع للتعبير عن غضبهم في هذا العمر المبكر، و بهذه الحرقة و العبارات، و هذا العبث، هنا لابد ان نتوقف عند حدود المسؤوليات و نجاعتها، و نفكر بإنتاج حلول و معرفة بديلة، و نطلق قيمها في المسالك و الشعب، و نؤسس مبادرات ميدانية فضيلة، ونهتم بالتعليم و أقسامه و نعيد الاعتبار لمناهجه و رسله .
انهم تلاميذ …زهور تتفتق و تحلم بمستقبل مشرق، عوض ان تكون مدارس الإبداع رحبة لإستقبالهم، ساءت ظروفهم، فشاءت ان تعلن تمردهم، منهم من جرب الاحتجاج فوجد فيه لذة و دعابة و نزهة، و منهم من يتمرس على لغة الغضب و هو ينظر بعيون البالغين الى القضايا، حتى كبرت فيه صرخة الاحتجاج، ومنهم من يتأمل صامتا زملاءه التلاميذ، و يظل ذاك الطفل نائما في عقله حتى يكبر و يستيقظ الطفل حزينا من داخله، فيعبث بمن حوله …
للذكرى فقط… بالأمس القريب إهتزت المنظومة التربوية بأحداث كثيرة و صادمة، في مؤسسات تعليمية شهدت حالات عنف و عنف مضاد و اعتداء غير مسبوق بين الاساتذة و التلاميذ، فهناك تلاميذ عنفوا اساتذتهم ووثقوا لذلك، و كم من تلميذة جهرت بوقائع تحرش في الفصل و المدرسة، و كم من جمعية حقوقية و جمعيات اباء و اولياء التلاميذ سجلت أحداث اعتداء جنسي تناقلتها تصريحات صادمة، و كم من حالات انتحار صادمة هزت مدارس المدن و الجهات…كلها أحداث كانت تؤشر لإضطراب كبير معلن و حقيقي في المنظومة التعليمية بل كان واضحا انهيار خطير للمبادئ و القيم التربوية الهامة و الأساسية مما ساهم في تأزيم الوضع .
انهم تلاميذ جدد، قدرهم أن يعيشوا في زمن أمة عربية تبددت أحلامها واحدا بعد الآخر حتى صارت بلا حلم.
تلاميذ جدد، قدرهم ان يعيشوا في زمن ثورة معلوماتية متسارعة تلتهم كل أزمنتهم.
تلاميذ جدد، قدرهم ان تسقط الساعة الجديدة على رؤوسهم بآلاف الثواني الثقيلة عليهم.
تلاميذ جدد، قدرهم ان يكونوا شاهدين على عصر لغة عربية تمزقت في مقرراتهم حتى اصبحت بلا طعم.
أنه زمن الهدر المدرسي الذي اخرج الجميع الى ساحة الاحتجاج، اساتذة و معلمين و تلاميذ متذمرين.
فما احوجنا الى علاقة جديدة بين الاستاذ و التلميذ، و رابطة أفضل بين التعليم و الحكومة، و تناسق فعال بين المناهج و المقررات، و انسجام تام بين الاسرة و المدرسة، و تفاعل ايجابي بين الشارع و كل الادوار ، انها علائق مرتبكة في حقيقتها و متوترة في مضمونها و بينها جفاء.
لذلك لا يرد على إساءة بإساءة و إلا متى تنتهي الإساءة!!! فمن اراد ان يصنع جبالا، فعليه ان يبدأ بجمع الحجارة الصغيرة، فخذوا التلاميذ الصغار برفق لا بجفاء، و امسحوا على رؤوسهم، و قبلوا جبينهم، فجبينهم هو المستقبل… هو الوطن.
من فضلكم اضيئوا المصابيح…

رابط مختصر

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات